الانسان ونمط الحياة مع مرور الزمن
ماذا يعني أن نعيش في عالم فسيح لاتدخله أي ظاهرة من ظواهر التكنولوجيا الحديثة أو ثقافة المعيشة السريعة التي بالغت في سرعة حياتنا لدرجة أننا ننسى أن نعيش اللحظة دون شعور بها.
في فيلم وثائقي شاهدته " Cuba Cameraman” يوثق المخرج جون البيرت 30 سنة الماضية مُنذ السبعينات وإلى عام 2016 عن أبرز المحطات السياسية والأجتماعية في كوبا والتي كانت تحت قيادة فيدل كاسترو لها
وفي مزرعة ما في كوبا يتعرف البيرت على ثلاثة مزارعين ممن شاهدوا الدنيا بجميع تفاصيلها الصغيرة وأعينهم كانت منظار واضح لصعوبة الحياة ورغم ذلك يصارعونها بالإبتسامة ولذة اللحظة البسيطة والتي تؤمن بوجود لحظات أخرى سعيدة طالما أن العائلة لاتزال جميعها على الحياة
وعندما يغيب لعدة سنوات ثم يعود إليهم ليستكشف أحوالهم من جديد تجدهم مسرورين رغم كل شيء وتلك إحدى أسرار الحياة التي لا يعيشها المرء بزخم على نحو كبير وفي تسارع ملحوظ، وفي التسعينات وبعد سقوط الأتحاد السوفييتي الداعم الأكبر لكوبا كانت تمر بحالة سيئة لدرجة أن البطالة ازدادت وقلة الموارد وشح في الماء والدواء وكثرة السرقة، جعلت الكوبيين في خناق شديد وبعدها قررت الدولة التركيز على السياحة التي ستساعد في نهوض إقتصاد البلد من جديد
الحياة في كوبا بطابع لاتيني قديم وكأن تجربتها تعيدك 40 سنة إلى الخلف ولكن رتمها الهادئ يجعل الحياة لها قيمة محسوسة، وعندما تشاهد قصة حقيقية مصورة لمدة 30 عاماً بجميع تفاصيلها يأتيك شعور لكل لحظة تدرك أحاسيسها فقيمة الصورة التي تلتقطها لك الآن قد لايكون لها أثر ولكن بعد مضي السنوات قيمتها تصبح أكبر ومختلف
يركز بشكل كبير البيرت على التغيير الدائم الذي يحصل على الثقافة والناس وبالطبع لاننسى الدولة ولكن ما يثير إهتمامي أن الطابع الكوبي وثقافته لاتزال هي نفسها إلى هذا اليوم وتدفع أي ثقافة امريكية عنها وهي بالطبع مشاكل سياسية مُنذ زمن بعيد بين البلدين وبلغت إلى حد الخناق عندما وصل فيد كاسترو إلى رئاسة كوبا وكان الرئيس الكوبي يلتقي في بعض الأوقات البيرت في بعض المؤتمرات الرسمية فيتحدث بكل ثقة بلغته الأسبانية التي يخرج منها كل شيء يحارب به امريكا بما فيها اللغة الأنجليزية وفي لقاء آخر سأل الرئيس إذ كان يرتدى بدلة مقاومة للرصاص ونزع بدلته وقال: " سأنزع بدلتي ولا يوجد أي شيء إطلاقاً، الموت سيأتيني ولكن متى هذه لا أعلم عنها" ولكن ربما شاء الزمن بعد مرور سنوات أن يذهب البيرت إلى كوبا في عام 2016 ليحضر مراسم دفن كاسترو وأغلق بعدها فصل قام البيرت بتدوينه ربما هذا الفيلم لاتظهر أيضاً قيمته اليوم ولكن بعد مرور الزمن تكون قيمته إرثاً كبيراً للأجيال القادمة.