من يجرؤ على اخبار الخليفة ؟
كان للخليفة الوليد بن يزيد وصيف يدعى عمرو بن عتبة؛ كان دائما بجانبه في الحل والترحال وفي السراء والضراء، ولكن كانت هناك مشكلة تواجه الخليفة ألا وهي أن قلوب الناس دائمة التغير والتذمر يعلو في كل مكان وذات يوم سأل الخليفة رجال بلاطه وقادته: لماذا تغير الناس؟ هل هناك إحساس بالظلم؟
لم يجرؤ أحد على إخبار الخليفة بأحوال البلاد، إلا عمرو بن عتبة الذي قال: يا أمير المؤمنين أن ينطقني الانس بك وتسكتني الهيبة لك، فهل أسكت مطيعاً أم أقول مشفقاً؟ كان الوليد يحبه فقال له: كل ما تقوله مقبول منك ولك الأمان، فبدأ عمرو بن عتبة يتحدث عن حال البلاد
فكان يجول الأسواق فيرى التجار يرفعون الأسعار ويستغلون الناس ويذهب لدار القضاء فيراهم مرتشين ظلمة، فيحمل كل هذه المصائب وغيرها ويسير بها إلى الوليد بن يزيد، وعلى هذا المنوال واصل عمرو بن عتبة ، حتى تراكمت تلك الهموم على صدره واثقلته وكلما وجد حلاً لمشكلة أكتشف أخرى، صار يصبح ويمسي على شكوى الناس له وظل يذهب للخليفة بإستمرار لينقل له تلك الشكاوى، وفي ليلةٍ ظلماء اكتشفت جثة عمرو بن عتبة ملقاة على جانب الطريق الذي يصل بين بيته والمسجد، كانت هناك خمس طعنات في ظهره وطعنة واحدة في عنقة، وفي صباح اليوم التالي افتقده الخليفة الوليد وظل ينتظره إلى المساء
وعندما حل المساء سأل الخليفة العاملين في القصر عنه فلم يجرؤ أحدٌ على إخباره؛ أمرالخليفة حراسه أن يبحثوا عن وصيفه عمرو بن عتبة، وأستمر الخليفة على هذا الحال، في كل صباح يأمر حراسه بالإنتشار على طول دمشق وعرضها ليعثروا على صديقه المفضل، فكانوا جميعا يعودون في نهاية اليوم ليقولوا له أنهم لم يجدوه حتى الآن ولكنهم سيستمرون في البحث عنه في اليوم التالي من جديد، لم يجرؤ أحد على اخبار الخليفة بالذي حدث.
:الاعتراف بالمشكلة
في بعض الأحيان لا يحتاج الإنسان للناس الذين يصمتون عن الظلم بل يحتاج إلى من يخبره عن ذلك الظلم ليعالجه فيخبر الموظفون مديرهم عن تسلط رئيس القسم، ويخبر العامل الوزير عن التاجر الذي هضم حقه ولم يعطه راتبه، في بعض الأحيان يكون سبب المشكلة هو عدم التحدث عنها، فلو أخبر العامل الوزير عن التاجر لما اضطر ان يسرق الأموال ليأكل فالإعتراف بالمشكلة أول خطوة لحلها.
في نهاية المطاف عندما تبدأ بالإعتراف أن لديك مشكلة ما سواءً لشخص ما او حتى لنفسك، ستكون قادراً على حل تلك المشكلة، لأنك ستراها بمنظور أنها مشكلة و ليست أمراً عادياً، وهذا الأمر ينطبق على كافة أنواع المشاكل : الدراسية ، العاطفية ، الاجتماعية ، الاقتصادية وغيرها … ، والآن عليك أن تبدأ بالخطوة الأولى لإنهاء مشاكلك.
لتحظى بحياة هادئة متزنة، ولتعلم انه لا يوجد هناك مشكلة لا يوجد لها حل ما، فقط ابدأ بالإعتراف بكونك تعاني من مشكلة ما وجرب أن ترى الموضوع من عدة نواحي وأن تسأل الذين تثق بآرائهم عن مشكلتك ربما يستطيعون مساعدتك، وإن لم تفدك نصائح الآخرين جرب أن تزور المختصين فلا عيب بأن تستشير طبيباً نفسياً إن لزم الأمر.