القوة الناعمة والولايات المتحدة الأمريكية

خطة مارشال "الأميركية" كانت من أحد أهم المشاريع لبسط النفوذ تزامناً مع المنافسة الشرسة بعد الحرب العالمية الثانية مع الإتحاد السوفيتي وكانت الخطة تُرسم على مدى بعيد في مساهمة لبناء اوروبا بعد أن تضررت بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية ولعّل هذه المسببات جعلت القارة العجوز تعاني من الفقر ونسب البطالة الكبيرة.

أميركا وضعت خطتها على أسس ومعايير متنوعة وأبرزها القوة الناعمة التي تدخلت إنسانياً في العديد من الدول الأوروبية ومنها بريطانيا،فرنسا،وألمانيا ونشر ثقافتها وهويتها وكذلك العوامل الأخرى مثل السياسة والإقتصاد. 

عام 1947 أي بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية بعامين، جاءت خطة مارشال لإعادة إعمار اوروبا وشملت هذه الخطة إلى تعافي إقتصادات الدول الأوروبية وكذلك الترغيب في التجارة والإستثمار ومسمى مارشال نسبةً إلى وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جورج مارشال والذي أعلن عن الخطة بتاريخ 5 يونيو من نفس العام في جامعة هارفرد. 

تم الإقرار ودعمت الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ وصل إلى 5 مليارات دولار لستة عشر دولة وبدأ الرئيس ترومان ووزير خارجيته مارشال حملة إعلانية كبرى لكسب تأييد الشعب الأميركي وكذلك رفع مستوى الوعي وما هي فوائدها المستقبلية لأميركا وطرح الكثير من المنتجات الإعلامية التي ساعدت في بناء مفهوم وتقليص مستوى الجهل المتعلق بالخطة وبالفعل حسب الدراسات التي تبينت لاحقاً أن النسبة كانت51%  وتقلصت إلى 36% مما جعل الشعب يدرك أهمية التواجد الأميركي في المدن الأوروبية.

بنهاية عام 1953 كان هُناك تعافي بشكل كبير إقتصادياً للدول الأوروبية وارتفع الإنتاج بنسبة 35% عن ما كان سابقاً في أواخر 1938. برنامج مارشال لتعافي الدول الأوروبية استطاع على إلغاء العوائق التجارية وإنشاء مؤسسات قادرة على تنظيم الإقتصاد على المستوى القاري، وهذا ما شجع على عملية إعادة الإعمار السياسي الكامل لاوروبا الغربية.

وعلى صعيد الولايات المتحدة لا يزال تأثير خطة مارشال قائم إلى الوقت الحالي من خلال تأسيس حلف الناتو وتتشارك فيه عدة دول منها اميركا وفرنسا والمملكة المتحدة كدول رئيسية للحلف وفكرته نظام للدفاع الجماعي تتفق فيه جميع الدول المشتركة على الدفاع من أي هجوم خارجي ويقع المقر في بروكسل ببلجيكا وتم انشائه عام 1949، وعلى مستويات  اخرى كانت من أبرز إستراتيجيات أميركا هي دعم الأنشطة الثقافية والأدباء والمفكرين لمواجهة وإضعاف الاتحاد السوفييتي وايضاً كان هٌناك انتشار لأفلام الهوليود والموسيقى الأميركية.

وهذه من العوامل الفارقة التي ضربت بـيداً من حديد للتحكم بالقوة الناعمة وصنع تاريخ وهذا ما جعل هُناك تناغم ما بين المجتمع الأوروبي وكذلك الأميركي حيث تمت العديد من الزيارات وكذلك تبادل الخبرات وأيضاً الثقافات وكانت هذه الخطة من الخطط التي نجحت بها الولايات المتحدة الأميركية على مستوى واسع ولازالت قائمة، حيث أنه ينسب الفضل دائماً لأميركا كونها من استطاعت إعادة إزدهار الدول الأوروبية، ومنع الاتحاد السوفييتي من نشر ثقافته أو كسب تأييد داخل المحيط الأوروبي.

دائماً ما كانت تسعى الحكومة الأميركية إلى خلق قوة ناعمة لتبرز نفسها وتمدد نفوذها بالطريقة التي تصل دون القوة الثقيلة, فأهتمت بشكل كبير على صناعة الإعلام وهي الآن تستحوذ على أغلبية السوق الإعلامي الدولي وركزت على العديد من الجوانب ومنها التلفاز والإذاعة والصحافة ولكي تصبح قريبة من كل إنسان أنشأت وكالة أنباء دولية بمختلف اللغات ليصبح من السهل مخاطبة هذه الشعوب وبالنسبة للغة العربية فكان يتواجد راديو "سوا" وكذلك تواجدت مشاريع إعلامية كبيرة كانت الولايات المتحدة تستخدمها كقوة ناعمة لتمرير بعض الرسائل أو نشر الثقافة الأميركية ومنها عالم ديزني ونيتفليكس وكوكاكولا وعبر قطاع التعليم فهناك اختبار TOFEL وبالنسبة للدبلوماسية التقنية جعلت لمنطقة السيليكون فالي قِبلة التقنية ومنارُها حيث تتواجد بها عدة شركات عالمية ومنها آبل وجوجل ونيتفليكس وتويترواوبر وتسلا وهذه القوة التي خططت لها الحكومة لم تكن في فترة وجيزة بل هي نتاج عمل دام لسنين طويلة.

Nawaf Alshahrani

مقدم بودكاست بستان | مؤسس @swy3ah

https://twitter.com/NawafSh25
Previous
Previous

البيتكوين في حوض السمك

Next
Next

صالح للاستھلاك الإعلامي… غیر صالح للاستھلاك البشري