العار الذي يخشاه المجتمع

في العمل ، في المدرسة ، في الشارع ، في المنزل ، في كل مكان و زمان هناك من يعاني من اضطراب نفسي ما و قد يعيقه ذلك عن ممارسة حياته بشكل طبيعي ، فالاضطراب قد يتحول الى مرض يؤثر على الحياة بل و قد يهدد حياة الانسان و يجعلها في خطر ، فالحل الانسب عند مواجهة اي اضطراب هو التوجه الى طبيب نفسي ليساعدنا ، فمثلما نذهب الى الطبيب عندما تمرض ابداننا فإننا نحتاج للذهاب الى طبيب نفسي عندما تمرض نفوسنا ، ولكن هناك عائق يمنع المضطرب نفسياً من الذهاب لمختص ليعالجه و وذلك العائق يمثل في وصمة العار التي ستلاحقهم في مجتمعاتنا، فإن مجتمعاتنا العربية تصف المضطرب او المريض نفسياً انه شخص فاقد لعقله او انه "ملبوس من الجن " وان ذلك قد حدث له بسبب بعده عن الله و قد ينصح البعض بان يؤخد الى شيخ ليقرأ عليه

وتلك النظره من المجتمع تزيد العبء النفسي لدى المريض و المضطرب فتجعلهم يشعرون بالذنب و ان الذي يحدث معهم هو نتيجه اخطاءهم التي لا يمكن للمجتمع ان يغفرها لهم ، و قد يميل هؤلاء الى الاعتزال عن الناس لتجنب الكلام الجارح و النظرات المليئه بالاحتقار لهم ، وقد لا يتحمل البعض ذلك و نتيجة لكل الضغوطات التي تواجهه من المجتمع فإنه قد يقدم على انهاء حياته

ثأثير المجتمع

"الفرد يتأثر بمحيطه "هذه حقيقه لا يمكننا ان ننكرها ، فإن تواجد بعض العوامل الاجتماعية الصعبة يزيد من إحتمالية تطور الاضطراب النفسي و قد يتحول الاضطراب الى مرض ، ومن تلك العوامل : المررور بتجارب قاسيه كوفاة شخص عزيز ، الشعور بالقلق و التوتر ، و تلعب التوقعات الاجتماعية دوراً في تفاقم الاعراض لدى المريض على سبيل المثال ربط الجمال بالنحافة فذلك الامر قد يسبب لدى المريض اضطرابات في الاكل لانه سيسعى الى النحافه بشكل غير سليم ، و ايضاً تعتبر نظرة المجتمع لمشاكل الفرد عاملاً يساهم في تفاقم الاضطراب ؛ فكل فرد ينظر الى الحياة بشكل آخر فربما يجد احدهم ان درجاته المنخفضة في الامتحان لا يمكن ان توثر على حياته و لن يبالي اذا خسر بعضاً من الدرجات ؛ بينما يرى الاخر انه يجب عليه ان يدرس بجد اكثر في المرة القادمة كي يحصل على درجة عاليه ، وربما يشعر شخص اخر انه فاشل بمجرد حصوله على علامة متدنيه في الامتحان وقد يتطور الموضوع مع البعض ليجعلهم يهملون دراستهم لمجرد حصولهم على تلك الدرجة المتدنية ، وقد نستنتج من هذا المثال انه حتى و ان مر جميع الاشخاص بنفس التجربة فإن كل شخص منهم تختلف نظرته للتجربة عن الاخر يجد احدهم انها تجربة مؤلمة و الاخر لا يبالي بتلك التجربة

دور المجتمع

علينا كأفراد في المجتمع ان نسعى لمحو العز الذي يرتبط بالذهاب لطبيب نفسي ، وعلينا ايضاً ان ندعم أصدقائنا و نساعدهم اذا احتاجو لذلك ، و هناك اعراض تعد مؤشر خطر يستدعي المساعده منها : القلق او الحزن الدائم ؛ تقلبات المزاج بصورة كبيرة ما بين الارتفاع و الانخفاض ؛ الكسل الدائم ؛ الارق ؛ تغيرات في الشهية ؛ العدوانية و العنف ، و احياناً تظهر الاعراض على شكل مشاكل صحية مثل : الالم في المعده و الظهر ، مع العلم بأن دورنا كمجتمع لا يتمثل بالتشخيص بل يتمثل بالمساعده و دعم الاشخاص و مساعدتهم بتجاوز الضغوطات التي يمرون بها

الدور التعليمي في المدارس

يعتبر التعليم مؤثرا كبيرًا في حياة الفرد و افكاره و سلوكياته فكي نربي جيلًا قويماً يحترم المريض النفسي و لا ينعته بالمجنون او البعيد عن ربه علينا ان نضيف الى مناهجنا منهجاً ملزماً لجميع المراحل الاجتماعيه مثال : مادة تختص بالصحة النفسية لدى الفرد ، و ربما نجد بعضاً من تلك المواد تدرس في بعض الدول العربية ، كدولة الكويت فهي تقرر في منهج الصف الحادي عشر الادبي مادة لعلم النفس و علم الاجتماع و ايضاً توفر للصف الحادي عشر و الثاني عشر بقسميه الادبي و العلمي مادة اختيارية تحت اسم " الصحة النفسية " ، و هذا مجهود يشكرون عليه و لكنه لا يكفي ، فعلينا ان نقرر منهجاً ملزماً لجميع المراحل الدراسية لتأسيس الطلاب نفسياً مثلما نأسسهم عقلياً و بدنياً

الوحش المشهور

قد يعد الاكتئاب اكثر الامراض النفسية شهرة ، و ذلك بسبب بعض الاشخاص الذين يصفون حالتهم النفسيه بانهم مكتئبون لمجرد حدوث موقف ازعجهم خلال اليوم ، فإنهم يقللون من شأن الاكتئاب و يتعاملون معه مثلما يتعاملون مع شعور الحزن فإنهم عند شعورهم بالحزن يقولون انهم مكتئبون

وقد نضمت منظمة الصحة العالمية توعية حول الاكتئاب تحت اسم " دعونا نتحدث عن الاكتئاب " لكي توعي المجتمع بخطر الاكتئاب ، و قد قدرت منظمة الصحة العالمية ان ٣٥٠ مليون شخص حول العالم مصابون بالاكتئاب ، ٧٠٪؜ منهم مصابون باكتئاب خفيف و ٢٠٪؜ مصابون باكتئاب معتدل و ١٠٪؜ مصابون باكتئاب شديد ،سبب ارتباط الاكتئاب بالحزن قد يرجع الى ان ما يميز الاكتئاب عن سائر الامراض النفسيه هو الشعور الدائم بالحزن ، ولكن مشاعر الحزن الطبيعيه نمر بها جميعاً من وقت لاخر و لكن مع الاكتئاب يستمر الامر اسابيع و ربما لشهور ، فتجعل الفرد عاجزاً عن القيام بانشطته اليومية البسيطه ، وقد يؤدي ذلك لشعور الفرد بالياس و عدم الاحترام و افكار سلبيه غير منتهية تجاه نفسه و قد يفكر بإيذاء نفسه او حتى بالانتحار ، و لا يقتصر الامر على الاعراض التي تحدث في نفسيه الانساب وانما قد يؤثر الاكتئاب على الصحة الجسدية للفرد فقد يعاني من اضطرابات النوم و الطعام ، واحيانا قد يشكو من آلام مختلفه بالجسد ، و علاج الاكتئاب ليس صعبًا و لكنه ليس سهلاً في نفس الوقت ، فعلى الفرد ان يطلب المساعده عند حدوث ذلك معه او حتى ان يساعد اصدقاءه عند شعورهم بذلك و يكمن علاج الاكتئاب بالتحدث و العلاج بالادوية فان ذلك يساعده في تجاوز نوبات الاكتئاب و يختلف الوقت اللازم للشفاء من فرد الى اخر ، فقد يستغرق علاج احدهم من اكتئابه ٦ اشهر و بينما يستغرق احدهم سنة او اكثر ، لدى مضادات الاكتئاب سمعة سيئة في المجتمع بسبب تساهل بعض الاطباء في وصفها لاي مريض خاصة في مجتمعاتنا العربية ، ولكن من التشخيص الجيد يستفيد المريض من العلاج بالادوية

و اخيراً عليك يا صديقي القارى عند احساسك بأي شعور سلبي ان تخبر والديك او احد اقاربك او شخصاً تثق برأيه ، وعندما احس ان الامرض قد اشتد عليك او ان لم تجد شخصًا تخبره بحزنك او مشاعرك السلبيه و تشعر ان محيطك لن يساعدك فعليك التوجه الى طبيب نفسي ليساعدك او او تستعين بتطبيق الكتروني مثل تطبيق " ايادي " ، لا تخجل من مرضك النفسي بل اسعى الى معالجته كما تعالج بدنك عند مرضه

Previous
Previous

الجيل زد: اضعف من سمكة ذهبية؟

Next
Next

هل الفنون تؤدي للجنون ؟